نقد في الحب ......؟

في كلّ علاقة حب سواء الحبّ البشريّ( الجسديّ أو العاطفيّ) أو الإلهيّ هناك عرفانية معيّنة، لأنّ الغاية في الحالتين تحقيق الفناء في الآخر وبالتالي القضاء على الانقسام والانشطار الذي يؤرق الذات وتحرير الروح من سجن الجسد. هناك من يسلك طريق الجسد للوصول إلى الوحدة المنشودة مثلما يحدث في العلاقة الجنسية وهناك من يسلك طريق الخروج من قيود الجسد عبر محطات التخلّية ثمّ التحلّية للوصول دائما إلى الفناء في ال
ذات الإلهية كما هو الأمر في التجارب الصوفية. تختلف الطرق والغاية واحدة : العودة إلى الوحدة الأصلية التي قصّ منها الإنسان والقضاء على الازدواج. هناك من يطلبها في الجنس وهناك من يطلبها في التصوّف. والأكمل بين الأمرين أن تكون التجربة الجسدية ذات أبعاد صوفية، لأنّ أجلّ صورة يتجلى فيها الحبّ الإلهيّ في حبّ الرّجل للمرأة كما يقول ابن عربي. ولا يتحقّق الكمال في أيّ علاقة جسدية إلّا إذا أفضت إلى استشرافات صوفية، ولن يتحقّق ذلك إلا إذا اجتمع كائنان راقيان. ومن يعود إلى مبحث المحبة في كتاب ابن عربي " الفتوحات المكية" يتوقف عند وصف مدهش للتزاوج بين مراحل العلاقة الجسدية بين الرجل والمرأة من جهة ولطائف إلهية من جهة أخرى، لا يستشعرها إلا من تنوّرت من تنوّرت بصيرته.