التواضع : ............

التواضع :
............
أن تكون للمتواضع منزلةٌ رفيعةٌ ومكانةٌ عاليةٌ يتركها وينزل عنها من أجل من يتواضع له .
وأري أن المؤمن الذي يخطو خطواته حذو خطوات النبي محمد صلي الله عليه وسلم وقد استرشد عقله بالقرآن واستنار قلبه بالإيمان يستقر لديه المعني الأساس الذي يُبْنَي عليه كل خير ؛ أنه عبدٌ لله .
فهل هناك منزلة أخفض من منزلة العبد ؟! وأيُّ رفعة تلك التي للعبد فنقول أنه نزل عنها من أجل غيره تواضعاً له ؟!
وشرود الخطوات عن المنهج المحمدي وخواء العقل والقلب من هذا المعني المشار إليه يؤدي إلي الجنوح للتكير والتعالي بفعل الاغترار بمزيد نعم الله علي ذلكم المتكبر . وهذا دليلُ غباءٍ وحماقةٍ وخواءِ العقل من المعاني الراشدة وفراغِ القلب من الإيمان .
فالإنسان العاقل لا يكون كحمار السوء إن شبع جمح ورمح, وإن جاع رفع صوته بالنهيق, وقد وصف الشاعر من حاله هكذا بقوله:
كحمار السوء إن أشبعته ... رمح الناس وإن جاع نهق
وفي محكم التنزيل: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} سورة لقمان الآية رقم (19) .
فحققوا -بارك الله فيكم - لربكم معني العبودية الخالصة وأروه منكم ترجمةً لهذا المعني بتعاملكم مع خلقه . فإنْ فعلتم رآكم الناس أفضل مما تتوقعون وأروع مما تأملون . سيرونكم كالسنابل الممتلئة بالقمح التي تنحني بفعل كثرة الخير الذي تحمله فـــ :
ملءُ السنابل تنحني بتواضــعٍ ... والفارغاتُ رؤسهنَّ شـوامـخُ
وسيرونكم كالنجوم العالية في السماء التي يري الناس ضوءها علي صفحة الماء :
تواضعْ تكنْ كالنجمِ لاح لناظرٍ ... على صفحاتِ الماءِ وهو رفيعُ
ولا تكُ كالدُّخَانِ يعْلو بنفسـه ... إلى طبقاتِ الجوّ وهْو وضيــعُ
أسأل الله أن يذيقنا حلو المعاني فنترجمها إلي أفعالٍ ترضيـه .
............................................... أسامة محمد طه الشيخ