جمعني لقاء أيام الشقاوة بعزيز

جمعني لقاء أيام الشقاوة بعزيز
كنا نعم الخلان في التيه تهنا
عبثت بنا السنون و لم نخون
تلكم كانت و كنا و بها نكون
سألته حن الفرقة فكيف تكون ؟
أجابني بحسه كأحسن ما يكون

و قال : ""

في قلبي ألم أسمع صوته
ينبض بيني
كسر النبض حدود السمعْ
على شفتايَ
تلوح البسمة
تغرق حزناً
بين الدمعْ
هناك
كنت أداعب ذاك الفرعْ
كنت أحاكي
بلون الريشة
روح الزرعْ
كنت أغرد
مثل الطيرِ
كان لصوتي
نغمٌ عذبٌ مثل النبعْ
هناك
على الجدران
كنت أخربش بالطبشورْ

ذكرني بالذي مضى فاستطردت قائلا: "

تسلقت شجرة الساحة
و مسحت آلامي الغصون
و جاء المعلم يتوعد الحضور
كتب على الهواء كلاما غير مفهوم
يطلب المستحيل و نحن نغمض العيون
الحياة في الخارج وردية
و في القسم معتقل
أشد ما يكون
ان نطقنا بهمسة
صاح الحارس سكون
السبورة أصبحت منصة
يقرع عليها بالماعون
نرتعد في مكاننا و لا نبوح

أسكتني خليلي ليقول : ""

كنت أشاكسُ
أستاذي
وقت الطابورْ
كان أصيلا ً
مثل جذورْ
كان رقيقا ً
مثل زهورْ
هناك
كنت أرافق تلك الطفلة
كنا نتسابق حين العودة
حتى نلهثْ
تحت شجيرات الزيتون
كان المجلسْ
كنا نضحكْ
كنا نعبسْ
كنا نركضْ
كنا نرقدْ
نتدحرج بين الأعشابْ
كنا نعبثْ
هناك

مسكت يديه كالصبية و قلت : ""

يا صاحبي ذكرتني بالذي راح
هل تذكر يوم المدير صاح
احمل محفظتك يا صلاح
و غادر القسم وآت بوليك في الصباح
كل التلاميذ يومها ارتعدت
و عن السبب تسأل و لم تفهم
لما الطرد لصديقنا صلاح ؟
المشكلة كانت قارورة في جيب
نعمان
سقطت على الأرض فأخذها
صلاح
اغتاظ المعلم و طرد صلاح
ليسكته للأبد على الكلام
المباح
لأن سيدي يحب آنسي
سميرة
و يمضي الحصة في الضحك مع
الأميرة
و أمي كانت تقول الحب كبيرة
و تطلب في صلاتها حسن المسيرة

كبر صديقي و قال : ""

كان أذان المسجد يعلو
يغسلني
يملؤني طهرْ
كنت أجاور أمي
في وقفتها
حين يحين أوان الظهرْ
كنت أحبُ
صوت الماءِ
في نافورة ساحتنا
في جلستنا بعد العصرْ
وغروب الشمس ِ
ما أحلاهُ
ما أعمقه حين الذكرْ
كان يغذي الطفلة فيّ
بأرقى أطياف الفكرْ
وعِشاء الليل ِ
تختم يومي
بحس الفخرْ

تنهدت في سري و تابعت : ""

عزيزي تلك كانت أيام
عرفنا فيها كل الآلام
علموني الكذب و النفاق
و سوطونا بالسياط
لمجرد حرف أو ضحكة
في البلاط
كنا نعاقب لأتفه الأسباب
و هم كانوا على الطفل
أسياد
يأمرون الصغير و علينا
التنفيذ
ممنوع المشاركة في
الحديث
لأن الكبير هو مالك
المصير
بيده العزم و التدبير
منهم تعلمنا التنكيل
و كيف نراود الأنثى
و نسير
و يا ويلنا لو علموا أننا
عاشقين

أغمض صاحبي عينيه و تابع قائلا : "

هناك
كنتُ و كانوا
لكن الغدر يبعثر دوما ً
طعم الفرحْ
جف بأرضي
عود القمحْ
مات بقلبي
معنى السلم
ومعنى الصفحْ
غص بحلقي
طعم الجرحْ
جف الفرعْ
مات الزرعْ
خنق الصوت العذب بحلقي
نحيب الدمعْ
وتكسر قلم الطبشورْ
هدم الأوغاد جداري
وانهار السورْ
قتلوا أستاذي الحاني
نثروا الطابورْ
فعلوا برفيقة دربي
ماهو أنجسْ "
صارت يَبَسا مثل الصخرْ
والماءُ تبخرَ في ألم ٍ
غادر قريتنا أبد الدهرْ
واليوم تناهى في حزن ٍ
ولون ختامهْ
ظلم الغدرْ
وذل القهرْ
ويظل حنيني
إليكِ بلادي
أبد الدهر
لتعودي وردة أمجادي
لتعودي للقلب البهجة
ليعود الماء إلى النهر

طأطأت الرأس و قلت له في ألم شديد : ""

يا صاحبي كبرنا و عرفنا
و يا ليتنا ما كبرنا
فهمنا و تعلمنا
و يا ليتنا ما تعلمنا
إن في الحياة ما هو أقوى
من ظلم المعلم قسوة
حين نورع فيأكلوا
نحصد ليحصدونا
نتعب ليرتاحوا
نحرم ليبذروا
فقرونا ليغتنوا
شردونا ليتجمعوا
و لما تمكنوا منا
بالجهل نعتونا
بالتطرف لامونا
بالمكايد ساقونا
من الحياة منعونا
مدارسنا هدموها
و جوامعنا دمروها

بكى صاحبي بحرقة و قال : ""

سرقوا براءة ضحكتها
سرقوا منا
أُنس المجلسْ
حرقوا أشجار الزيتون
سحقوا العشب
صار عبوس الوجه يداري
قلبا أتعسْ
هدموا مسجد قريتنا
وقت الفجرْ
وحين الظهرْ
لم أسمع صوت المئذنةِ
لم أسمع إلا
صرخة والدتي
فوق السجادة
كانت تنزف مثل النهرْ
والنافورة
صارت حجرا ً

رفعت كفيا للواحد الأحد و قلت : ""

ربي ان كان لك بنا غضب
فلا تكافئنا بما فعل الطامعين
فينا
ربي و أنت ربي نسألك
النصرة من عندك
ربي و أنت الاهي لا تمكن
مني عدوي
العيب فينا لأننا
ابتعدنا عن تعاليم دينك
ربي إننا لا نسأل رد القضاء
بل نسأل إنارة بصيرتنا
كثر بيننا المنافقون
و تعددت حيلهم لترويعنا
الكل أصبح يفتي
و لك مصلحة فتوى
تشابهت علينا أمورنا
و لا علم لنا إلا ما علمتنا
نسألك حمايتنا من
أبناء جنسنا
أما أعدائنا فنعرفهم

حوار شعري جاء تعليقا على قصيدة الشاعر :
"" جــــــــهــــــــاد خــالـد ""
و العبد لله أخوكم "" جــــــــــــــــــــــــــــحا ""