المراكز الثقافية مجرد راي فحسب .

المشاهد هي نفسها لم تتغير رغم تحول العالم إلى قرية كونية والإنفتاح النسبي لسوق نشر الكتاب والتعدد الإعلامي الصوري وتحول مراكز الإستقطاب الإعلامي والثقافي نسبيا والأفول التدريجي لمختلف المراكز الوهمية بتأثير من خطاب النهايات الكوني وموت الإيديولوجيا وإحالة اللوغوس أو الدليل الواحد إلى سن التقاعد الفكري ورغم ذلك لازال عندنا نحن فقط وهم المركز هو السائد المركز الوهمي للإشعاع الثقافي كما لو أنه إحدى الثوابت التي لا تتغير في إبرازه لطرف دون الآخر على صعيد التداول الإعلامي والثقافي للمنجز الإبداعي والفكري الجزائري وفرص النشر والذيوع والترجمة والإنتشار التي يأخذ منها مثقفو المركز حصة الأسد بينما يكتفي المثقفون الذين ينحدرون من الهوامش القصية بفرص ضئيلة وغالبا ما تكون مرتبطة بمحطات ومواعيد موسمية ومناسباتية ويتم الت
عامل معهم كعناصر مكملة لديكور تم الإعداد له بكثير من الإنتقاء والمزاجية والشللية وعلاقات التابع بالمتبوع مشهديا وليس إبداعيا بحكم جناية الجغرافيا على بعض مبدعي الجزائر العميقة وبعدهم عن وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية الرسمية إلى حد طمس وعي الخصوصية والتفرد في الوجود والحياة وليس فقط في الكتابة والتثاقف لدى هؤلاء الناشئ ضمن مناخ ثقافي لا زال يتسم بكل أشكال الخطابات الثقافية الواجهاتية والبنيات التي ينطوي عليها الخطاب الإبداعي لدى بعض مثقفي المركز" بعضهم فقط نحن لانعمم ونتكلم فقط في المطلق كظاهرة موجودة بالفعل " والقيم التي يكرسون لها في رؤياهم الإبداعية التي لا تنسجم مطلقا مع خطاب آخر يتم تداوله هو "الخطاب الخارج - نصي "أي خطاب المثقف خارج النص الخطاب السياقي والإعلامي وكافة الممارسات العضوية التي يلجأ إليها لتمرير بعض المتعاليات البسودو- ثقافية التي بلوذ بها أحيانا فرارا من جاهزية المخيال المفرغ من بلاغة الإنصات لدبيب حركة التاريخ والمجتمع وإنزياحات الكتابة بإتجاه أقصى الهوامش " الهوامش اليقظة التي لا يتحرك سؤال الإختلاف إلا من خلالها " مثلما يعبر عن ذلك عبد الكبير الخطيبي على مستوى التداول الإعلامي للقضايا المغلوطة فتجد من يتمسك بوهم " الحداثة المعطوبة " بتعبير عمار بلحسن والعناوين الكبيرة والأسئلة النظرية التي لم تكتمل عند قائليها أو هي في طور التشكل وقد جردت من جوهرها ومعناها لتصير مجرد ملفوظات للإستعراض والعرض والطلب وبالتالي تفقد كل هذه المصادر والمقولات جدواها وراهنيتها وأهمية حضورها في المشهد الثقافي الجزائري كون المثقف الذي يتبنى مثل هذه المقولات لم يتخلص بعد من سلطة وتاثير التكتلات الإعلامية والفئوية والشللية وكافة الإعتبارات المدرسية والمهنية والعشائرية والجهوية وغيرها ويقتات من ذلك الذي سماه المرحوم بختي بن عودة "بنية التفقير المبرمج "تبريرا لأوضاع وأجندة هي نتيجة سياسات خاطئة تورط فيها السياسي وأنتقلت عدواها إلى المثقف كمؤشر فوقي أبوي شبيه إلى حد قريب على صعيد الممارسة بما كان يدعوه السوسيولوجي الجزائري عمار بلحسن " منتوج وممارسات الانتلجانسيا المهنية والفكرية المفرنسة التي أعطتها الأداة اللغوية والخبرة المهنية سلطا متعددة في مراكز الحل والعقد والإدارة العليا والإقتصاد والتسيير ومناصب إتخاذ القرار" التي فرضتها معطيات تاريخية أخرى ليس هنا مجال الحديث عنها