- تأمل ولا تتألم : متى تُعْدَمُ الجهالةُ في بلدي؟

- تأمل ولا تتألم : متى تُعْدَمُ الجهالةُ في بلدي؟
يوم الخميس 27 من ديسمبر 2012 الموافق لـ 13 من صَفَر 1434 هـ. طلب مني رجل فاضل صالح من أعيان "حاسي الدلاعة" أن أرافقه إلى مدينة.... بولاية.....لمساعدته في إقامة الصلح بين عائلتين "أبناء عمومة" وهم جميعا أبناء أخوين يعرفهما الرجل منذ زمن.و قد وصل الأمر إلى معركة بالعِصِي والحجارة بين أفراد كلتا العائلتين وفيها الجرحى ودخل بعضهم السجن....الخ.و أُقرّ بأنني تَهَيَّبْتُ الأمر بادئا ،لأنني لم أتشرَّف بهذا العمل الإنساني التعبدي و الذي فيه من الأجر والثواب عند الله ما يفوق أجر الصلاة والصيام والحج والزكاة.فقد قال الله عز و جل وقوله الحق:"...و الصلح خير..."
العائلتان تسكنان البادية على بعد 10 كلم من المدينة،تبدو على وجوه وأجسام أولاد إحداهما ملامح البؤس والشقاء والتخلف وشيء من "الوحشية و التوحش" رغم أنهما أهل رعي ويملكان من الماشية ما يستر و يرفع.
وبعد جُهْدٍ جَهيدٍ دام حوالي ثلاث (03) ساعات ،وفقنا الله في الصلح بينهما وأذبنا الجليد بين القلوب ،تارة بالترغيب و تارة بالترهيب ، مذكرين الجميع بصلة الرحم و بالموت الذي "لا يعرف المواعيد ولا يميز بين الصغير والكبير" وما قال الله عز و جل و النبي صلى الله عليه و سلم و ختمنا"جهادنا" بجلسة الجميع حول مائدة الغداء والكل يضحك والكل فرِح مسرور.
و أشد ما أرهقنا و" نَشَّفَ لنا الريق "هو الجهل المتفشي في عقول بعض الأفراد والجهالة الطاغية على بعض النفوس ،كما لاحظنا من خلال الحديث والحوار والجدال والمناقشة أن الوازع الديني يكاد ينعدم و التربية الروحية "لا محل له من الإعراب"
وبحكم كوني مربيا،كنت أتساءل متعجبا وأتعجب متسائلا:"أيعقل أن تبقى هذه الصورُ الإنسانية الاجتماعية الثقافية السلبية المتدنية حضاريا موجودةً في بلدي و في نهاية العام 2012؟؟؟
و كنت أحاول إيجاد أجوبة اقنع بها نفسي و أبرر، عساني أتنفس و ارتاح.فقلت "إن سبب هذا "التَّدَنِّي" هو ضعف ، بَلْهَ ، غيابُ "التدين". ولا عجب ،فقد لاحظت و ساءلت بعض الشباب و الصبيان عن مستواهم الدراسي وصدمت بالجواب "التسونامي"= ولا أحدَ دخل المدرسة؟؟؟ والمدينة على بعد 10كلم؟؟؟
هناك صورة تربوية معمول بها في الجزائر منذ سنوات عديدة و هي بناء مدرسة من قاعتين في "البراري" لأبناء العرب الرحل حتى و إن كانوا لا يستقرون كثيرا ولكن على الأقل تمكنهم من اكتساب الحد الأدنى من الثقافة والمعرفة و أهم مكسب فيها هي أنها تخرجهم من دائرة الأمية إلى فضاء التمكن من القراءة والكتابة.أين هي هذه المدرسة؟؟؟ وأين القائمون عليها؟؟؟
يا شباب الجزائر،
في بلدي مازالت الجهالة "تعشش" و في بلدي ما زال الجهل "يخدش" وفي بلدي مازالت الجاهلية "تنبش"فقوموا يرحمكم الله لأداء ما يجب أن يؤدَّى و وفقكم الله جميعا.