حاسة الشم عند الانسان .

تعتبر حاسة الشمّ الأولى مقارنة بالحواس الأخرى من حيث عدد خلايا الذاكرة المرتبطة بها والمقدّرة بالآلاف،فقد نتذكر عطر شخص ولا نتذكر صورته. كما تعتبر الحاسة الأعمق فهي ترتبط بلاوعي الشخص وعالمه الباطنيّ، أي أنّها سبيل للمعرفة الداخلية. ويروي ابن عربي في كتابه " الفتوحات المكّية" أنّ مريدا قدم إلى الشيخ عبد القادر الجيلي فقام إليه فشمّه ثمّ قال له:" لا أعرفك " وماكان من المريد سوى أن انصرف واعتكف على تهذيب خلقه وتطهير نفسه وتصفية نيته في سلوك الطريق، فلما عاد إلى شيخه قام وشمّه مرة أخرى فقال: الآن عرفتك.
فالشمّ - الحسّ- من خلال قصة ابن عربيّ سبيل لمعرفة المكنون الداخليّ للشخص، ولا تقتصر على مجرد معرفة خارجية حسّية. بل تغوص إلى أغوار النّفس الإنسانية. ونتيجة ذلك عمد القدماء إلى صنع العطور من نباتات مهيّجة لتضعها العروس ليلة زفافها كعامل مهم من عوامل الإثارة الجسدية، وقد يصل الأمر ببعض الأشخاص إلى الإغماء جراء قوّة العطر، لماذا ؟ لأنّ مفعول العطر كما قلنا مرتبط باللاوعي ولما يكون حادا وفي مقام الإثارة الجسدية قد يعطّل عمل الوعي فيغمى على الشخص نتيجة هيمنة اللاوعي على الوعي، والإغماء هنا يماثل حالات الصرع المرضية