حلم وضيع لطفل افريقي

حلم وضيع
هو حلم إنسان ... حلم جسد أسود ... حلم هيكل بجلد أجعد
إنه حلم طفل إفريقي بقطعة خبز يابسة سوداء كسواد جلده يغطيها التراب كما يغطي جسده... هذا الهيكل لا يحلم بدراجة ولا هاتف نقال... لا يحلم أن يكون في المستقبل طبيبا أو مهندسا.. رساما أو معلما.. فلاحا أو نجارا.. أو حتى بطالا... لا يحلم بسيارة فاخرة من آخر الصيحات ولا فيلا فخمة.... لا يحلم بملابس العيد ولا بهندام أنيق يذهب به إلى المدرسة ولا يحلم أن تكون له محفظة تحمل أقلاما ملونة وأوراقا بيضاء يرسم عليها خياله أو حتى  شكله... هو لا يحلم بالشتاء واللعب مع أقرانه بالثلج ولا يحلم بالربيع وطرد الفراشات بين الزهور ولا يحلم بالصيف والمثلجات والشواطئ ولا يحلم بالخريف ليمشي تحت أمطاره....
هذا الهيكل لا يحلم بالسفر والسياحة وزيارة البلدان...لا يحلم بتلفاز أو لوحة رقمية... لا يحلم بزوجة وأولاد ولا وظيفة محترمة... لا يحلم أن ينظم مسيرات و مظاهرات وأن يخلع فلان وينتصر على فلان ... لا يحلم أن يزيد وزنه أو ينقص ولا يحلم أن يكون بصحة جيدة فالأمراض أصبحت صديقته منذ ولادته... هو لا يحلم أن يكون له 100 صديق على الفيسبوك ولا يحلم أن يلتقي بفنان أو داعية أو صحفي مشهور.....
حلم هذا الهيكل أن يمر عليه يوم لا يحلم فيه بالطعام... يحلم أن يمر عليه يوم لا يفكر فيه كيف سينقضي مثل ما تنقضي سائر أيامنا ولا نفكر في فعل شيء من أجل هؤلاء... فأيامنا غير أيامهم وأجسادنا غير أجسادهم وبيئتنا غير بيئتهم.... كيف؟؟؟ وفينا من يبكي على الملابس ليس لأنه لم يجد ما يرتدي إنما كره من ثيابه القديمة أو يبكي على ملابس المودة التي كان سعرها غاليا ولم يستطع شراءها... كيف؟؟؟ وفينا من يؤلمه بطنه ليس من الجوع وإنما من التخمة... كيف؟؟؟ وفينا من يصرخ ويلعن على مائدة الطعام ليس لأنه لم يجد ما يأكله لكن لأن كل الأطباق المختلفة التي وضعت أمامه لم تعجبه ولم تملأ عينه...
يا ليت عينك ترى ما تراه عين الهيكل الأسود لتعلم أنها في الجنة ولم تدر.....
أيتها السماء اسقطي علينا ويا كواكب انفجري لتمحي ما صنعته البشرية وتبا للإنسانية التي نفتخر بها وسحقا للحضارة التي وصلنا إليها وهناك دول ترمي أكلا صالحا في الزبالة وهذا الهيكل الأسود لم يجد حتى الزبالة ليأكلها.........