في الأبوية المزعومة

‏
في الأبوية المزعومة
ــــــــــــــــــــــــــــ
في الجزائر اليوم هناك أسماء رائدة وتجارب تستحق التنويه والإشادة بها، والدليل الصيت الذي حققته في الآونة الأخيرة، وما التتويجات التي تحصدها هنا وهناك إلاّ دليل على نجاح أصحابها وتمكّنهم، ورغم ذلك هناك من يحاول (هنا من الداخل) أن يطعن فيها وفي أحقية مستحقيها. لازلنا في عالم الأدب ننظر إلى بعضنا البعض بتشكيك وريبة وحذر، ولا تعمل الأسماء المكرسة على دعم الأقلام الشابة ولو بالإشارة إليها، لتعمق الهوّة وترسخها، بدل أن تلعب دور الحاضن لها متشدقة بأبوية مزعومة تريد أن تأخذ فقط وغير مستعدة للتنازل عن شيء، مكرسة النفاق الاجتماعي للمجتمعات المنغلقة والتي السلطة فيها للأب ولا يمكن بأي حال مناقشة أحكامه ولو كانت متعسفة وفيها إجحاف وظلم كثير.
ويعزى نجاح كثيرين إلى تفتحهم وانفتاحهم على الآداب العالمية وخروجهم عن سطوّة الأبوية المزعومة والتي تهيمن على جلّ الحراك الثقافي وتتصدر واجهة الإعلام عندنا، تلك الأبوية التي نراها مصدومة من النتاج الإبداعي والذي تتزعمه الآن موجة من الشباب المتمكن والقادر على إحداث النقلة المنشودة من خلال رحلتهم في الكشف والاكتشاف بعيدا عن (قدسية) المنتج السابق والنص الأول والذي يرى في الخروج عنه تطاولا عليه، ولم يستوعب أصحابه بعد وخدامهم أن حركة التطور هي في تجاوزه كليا لأنه لم ينتج إلى الآن ما يليق بنا كأمة وحضارة وثقافة إلا ما هو هيّن مجده البعض الموالي على أنه نص مؤسس وكأنهم يقولون به أنه نص قرآني لا تجاوز لعتباته.
لسنا هنا لنبخس أسماء عملت ما وسعها في زمن كانت فيه البلاد بحاجة إلى حركية ثقافية ولو مزعومة أو مشبوهة وتحتاج إلى نتاجهم ولو كان بخسا وبغلال أقل، ثم ألم يحن الأوان لكي يقفوا مصفقين لنا نحن الطابور الذي صار يتقدمهم أحبوا أم كرهوا، أو لا يدرون أن عجلة التاريخ لن ترحمهم في دورتها لأن كل سلطة زائلة إلى سلطة النص المتمكن صاحبه ولا أحقية ولا بقاء إلا له وبه فقط.