شبكة المغرب الآن || مصادر أوروبية: ابحثوا عن دور "أريفا" لفهم برودة الاتحاد الأوروبي في دعم تدخل فرنسا في شمال مالي
القدس العربي
وفجأة "تصبح مالي بمثابة أفغانستان ثانية في قلب إفريقيا"، هذا هو التعليق الأكثر انتشارا في وسائل الاعلام ولدى الرأي العام العالمي خاصة بعد مجزرة منشأة الغاز في عين أمناس شرق الجزائر التي ذهب ضحيتها العديد من الضحايا ومن جنسيات مختلفة وخاصة الغربية. لكن رغم كل هذه التطورات، بدأ تفسير ضمان موارد الطاقة الاستراتيجية "اليورانيوم يحضر بقوة في التحاليل وخاصة اسم شركة يشار إليها بنوع من الاحتشام وهي "أريفا" الرائدة عالميا في الصناعة النووية المدنية.
برودة الاتحاد الأوروبي
وتبدو لافتة البرودة التي تعاملت بها الكثير من الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة مع التدخل الفرنسي في شمال مالي. إذ لم يتخذ الاتحاد الأوروبي قرارا بإرسال قوات عسكرية الى مالي بل تعهد بمساعدات محدودة لا تتعدى 12 مليون يورو، وقدمت بعض الدول طائرات للشحن العسكري مثل اسبانيا وبريطانيا والمانيا ولكن ليس قوات لخوض المواجهات المسلحة، في حين اقتصر دور الولايات المتحدة على تقديم المعلومات عن شمال مالي التي ترصدها عبر الأقمار الاصطناعية والطائرات بدون طيار.
والتساؤل القوي حول المستجد الجديد، ففرنسا عللت تدخلها في شمال مالي بحماية أوروبا من إرهاب الجماعات المتشددة؟ وينضاف سؤال آخر، وهل فرنسا لوحدها معنية بأمن أوروبا حتى لا تتحرك دول أخرى مثل اسبانيا والمانيا وإيطاليا بل والولايات المتحدة التي أجندتها مبنية على مواجهة القاعدة منذ سنوات؟
ابحثوا عن أريفا واليورانيوم
الجواب يوجد في الأطروحة التي تدور في الأوساط الأوروبية، يقول مصدر أوروبي لجريدة القدس العربي "دون التقليل من خطر الجماعات المتشددة التي يجب مواجهتها بشكل دولي وليس أحادي، فرنسا سارعت الى خوض الحرب للدفاع عن نفوذها الاستراتيجي فيما يسمى "إفريقيا الفرنسية" وخاصة الدفاع عن مصادر اليورانيوم بسبب اقتراب الخطر من النيجر".
وكان بعض السياسيين المحسوبين على الخضر في فرنسا أول من طرح قضية اليورانيوم وأن الأمر يتعلق بالخوف من سقوط النيجر التي تشكل أهم مصادر اليورانيوم في العالم وتستغله فرنسا دون باقي الدول. وجاء تعزيز هذه الفرضية على لسان مدير المرصد النووي الفرنسي ستيفان لوم الذي كتب الأسبوع الماضي في جريدة ري 89 الرقمية أن الهدف هو اليورانيوم. ويبرز أكثر من مصدر سياسي في الاتحاد الأوروبي في تعليقات في الكواليس "حرب مالي، آه ابحثوا عن أريفا".
وعمليا، فرنسا تعتبر الدولة الأولى في العالم التي تستخرج 75% من الطاقة الكهربائية التي تستهكلها من محركات نووية. وقرر الرئيس السابق نيكولا ساركوزي سنة 2008 أن تصبح فرنسا أول مصدر للطاقة النووية السلمية من خلال بناء عشرات المفاعلات نووية في دول كبرى مثل الصين والهند، وهو القرار الذي تبناه الرئيس الحالي فرانسوا هولند في أكتوبر الماضي. والحديث عن المحركات النووية هو الحديث بالدرجة الأولى عن اليوارنيوم وعن شركة أريفا التي تستغل هذه المادة في النيجر منذ سنة 1968، حيث سحبت من هناك مائة ألف طن من اليورانيوم لمعالجته وتحويله الى طاقة للمحركات النووية.
وشركة أريفا الفرنسية تعتبر من أكبر شركة عالمية في استغلال الطاقة النووية المدنية، وتعتبر ركيزة أساسية لضمان نسبة هامة من الطاقة لفرنسا وجزء من النفوذ الاستراتيجي لباريس في الخريطة الدولية. والمثير أن الكثير من التقارير تبرز أنه لا يمكن اختيار رئيس للنجير دون تدخل وتحكم من شركة أريفا، فالرئيس الحالي محمدو إيمسوفو عمل سابقا مديرا لفرع لهذه الشركة العملاقة المتواجدة في مائة دولة. وبالتالي، في ظل صراع النفوذ الحالي عالميا، والتراجع الذي يهدد فرنسا ، فهل ستقبل هذه الأخيرة بتهديد مسلحين من شمال مالي لمنطقة مثل النيجر تشكل عمودا فقريا كمورد للطاقة وكمصدر رئيسي لنشاط أريفا المستقبلي؟ ولإدراك أهمية النيجر بالنسبة لفرنسا والشركة أريفا، فقد استثمرت مليار يورو سنة 2008 في تطوير استخراج اليورانيوم؟ فهل هناك من شركة تقدم على استثمار من هذا الحجم إذا لم تكن تملك مسبقا التزاما من الدولة الفرنسية لحماية هذا الاستثمار بالضغط السياسي والعسكري.
ولهذا عندما تسأل مسؤولا أوروبيا في الكواليس يكون الجواب "هناك خطر الإرهاب الذي يتطلب تحركا سريعا في شمال النيجر لكن الأجندة لا ترسمها أريفا".